ثورة 25 يناير ـ اليوم ـ قد انتصرت..بسقوط ما تبقى من مقار لمباحث أمن الدولة تباعا في يد المحتجين أو في قبضة الجيش.. تكون "جمهورية الرعب" التي أسسها مبارك وعصابته قد انهارت وانتصرت الثورة حقا لا مجازا.
لم يكن بوسعنا أن نصدق، بأن مصر ستُمسي "دولة ديمقراطية".. طالما ظل هذا الجهاز الدموي والوحشي، موجودا ولو رمزيا من خلال مقار أسمنتية خالية من أي مضمون.
انتصار الثورة، ظل مرهونا بمستقبل هذا الجهاز.. فوجوده كان يعني أن مصر ستظل على حالها الذي كانت عليه في عصر الجهل والظلمات الذي فرضه عليها نظام الرئيس المخلوع.
لقد باتت مصر هي البلد الأكثر تخلفا في محيطها الإقليمي، بسبب هذا الجهاز، الذي أفسد كل شئ بها.. لم يترك أية مؤسسة إلا واستباحها وأفسدها وأحالها إلى بيئة شديدة الكآبة والبؤس.. لم يترك بيتا إلا واستباح حرمته، ولا إنسانا إلا وأهدر كرامته.. نشر الرعب والفزع والترويع في ربوع مصر.. ضحاياه من المعذبين يفوق قدرة البشر على الإحصاء.. تغول بمضي الوقت إلى أن بات هو الحاكم بأمره في البلد كلها، يرسم للمصري حياته من الميلاد إلى أن يوارى الثرى.. توحش بشكل غير مسبوق، حتى تجرأ على القوات المسلحة وتجسس على الجيش، ونشرنا هنا في "المصريون" وثائق إدانته بهذه الجريمة التي يستحق عليها المحاكمة أمام المحاكم العسكرية، لتقضي قياداته بقية عمرها داخل السجن الحربي.
البعض يتحدث عن إعادة هيكلة هذا الجهاز سيئ السمعة.. ولا ندري ماذا يقصدون بما يصفونه بـ" الهيكلة"؟!.
أخشى أن يكون هذا الكلام من قبيل المناورة والتحايل، للإبقاء عليه ولا يتغير منه إلا الإسم فقط.. هذا الجهاز لم يعد ينفع أن يظل موجودا ـ مهما أدخل عليه من تعديلات ـ في أية دولة تريد أن تكون ديمقراطية.. فهو ضد الديمقراطية، وحقوق الإنسان.. هو في ذاته مؤسسة عدوة لكل ما هو حر وديمقراطي وإنساني.. هذا الجهاز الذي نشأ في بيئة سياسية فاسدة .. وأمنية تعتمد على الوحشية وإهدار كرامة البشر والاعتداء على حرماتهم وأعراضهم .. لا تنفع معه حكاية "الهيكلة" التي يتحدثون عنها.. لا ينفع معه ـ والحال كذلك ـ إلا الإزالة والتخلص من وجوده بالكامل وتطهير البلاد منه، بل ومحاكمة ضباطه الذين تورطوا في التعذيب والقتل وترويع الآمنين وحرمان الناس من حقوقهم الاجتماعية والسياسية والمهنية.
لا ننسى أن هذا الجهاز، فرض على كثير من زوجات المعتقلين الإسلاميين طلب الطلاق من أزوجهن.. بل إني سمعت كيف تعمد إحالة بعضهن إلى "بغايا" إمعانا في إذلال المعتقلين..وهو أحد الملفات المسكوت عنها حتى الآن، لصلته بالأعراض، ولكن بات من الضروري ـ الآن ـ أن يفتح بلا خجل، لنبين للناس حجم الجرائم التي ارتكبها هذا الجهاز الوحشي واللاأخلاقي في حق المواطنين المصريين.
================================