مسك الختام
تحامل على دين سمح كريم
إبراهيم نويري
مما لا شك فيه أنه يوجد في بلاد الغرب أناس كثيرون عاديون ومفكرون وأصحاب رأي مسالمون ومحبون للإنسانية ومدافعون عن حقوق الإنسان بغض النظر عن معتقده أو لونه أو فكره أو لغته، وهؤلاء يستحقون التحية ومد جسور التعاون معهم لأنهم مؤهلون بحكم صفاء طبيعتهم للوصول إلى الحقيقة.. وفي المقابل أيضا يوجد تيار يعادي الإسلام وشعوبه وتاريخه وحضارته، ويظهر أن هذا التيار لا يستطيع أن ينفك أبدًا عن عقدته التاريخية الموروثة، المتمثلة في كراهية هذا الدين السمح وتعاليمه الفذّة، وكذا المنتمين لعقيدته وصبغته في المشارق والمغارب.ومنذ فترة برز من ذوي الاتجاه المذكور الكاتب السويدي «بورت موني»، حيث راح يهاجم في صفاقة متناهية وهبوط فظيع تعاليم الإسلام وشريعته وتاريخه، ويتطاول على شخصية رسول الله [ ويَسِمُها (يصفها) بأوصاف مرذولة، لا تصدق في حق مصلح اجتماعي عادي، فضلاً عن أن تصدق في حق إمام الأنبياء وسيد المرسلين.الكتاب الذي صدر لهذا الكاتب يحمل عنوان «اجتياح الإسلام».. وقد نشرته دار نشر تُدعى «بوسالا» بالسويد.. كما نشره المؤلف في موقع خاص على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، ضمّنه صاحبُه مئات المفتريات والأكاذيب المسيئة للإسلام وحقيقة مسار انتشاره في الأرض واعتناق الشعوب المختلفة له.. كما هاجم القرآن الكريم، واصفًا إياه بأنه كتابٌ مختلق مليء بالأساطير والقصص المستمدة من الأزمنة الغابرة، مدعيًا أن هذه القصص لا يوجد ما يثبت صحتها - يقصد المستندات المادية - كالوثائق التاريخية والنقوشات والمستحاثات، وغيرها من الأدوات والمستندات المادية التي يثبت بها التاريخ!!.. وكأن هذه الأدوات المزعومة أكثر صدقا ووثوقًا من الوحي الإلهي بمختلف وجوه الإعجاز التي يتضمنها!إن ما يؤكد عقدة الغرب التاريخية تجاه الإسلام، ليس فقط ظهور أمثال لهذا الكاتب الحقود الجاهل بحقيقة الوحي والغيب، فهذا أمر مألوف في تراث وأدبيات الغرب النفسية والفكرية، وإنما أيضا احتضان المارقين والمرتدين والمنحرفين من حملة الأقلام ممن يزعمون انتماءهم وانتسابهم للعالم الإسلامي (جغرافيًا على الأقل)، ويحملون بعضًا من شارات المسلمين وأسمائهم وأزيائهم أحيانًا!!يشير إلى ذلك الداعية والمفكر الإسلامي الكبير الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله- في معرض حديثه عن ارتداد الكاتبة والطبيبة البنغالية «تسليمة نسرين» التي تعيش حاليا في السويد، عندما هاجمت الإسلام، ووصفته بأنه دين يظلم المرأة ويهين أنوثتها ويجحد حقوقها الفطرية... حيث يقول: «قالت إذاعة لندن إن دول أوروبا الغربية أعلنت حمايتها لها (أي لهذه الكاتبة) ويسّرت لها أن تهاجر إليها، بل إن ألمانيا عرضت عليها أن تقيم فيها وتنشر آراءها على أرضها!!... إن دول أوروبا الغربية منحت «سلمان رشدي» جائزةً سَنِيَّةً (مجزية) وأبدت رضاها عن ارتداده واستعدادها للدفاع عنه... وقد عُرف الآن بين المثقفين أن الإلحاد أقصر طريق إلى الشهرة والترقية، وأن الانحراف ضمان للأمان والرضا!!..» «الحق المر، الجزء الرابع».ولاشك في أن سباق الكثير من الكتاب في الغرب والشرق، وانتظامهم في هذا المسلك الآسن.. مسلك الإساءة للإسلام ونبيّه وتاريخه ورجاله وأبطاله.. إنْ هو إلاّ أثر من آثار أعمال وجهود ولوثات تلك الدوائر الصهيونية الحاقدة؛ إنهم يتزلفون لها ويعملون على إرضائها وتحقيق أهدافها، حتى ينالوا الجوائز العالمية والمكاسب الدنيوية.. من أجل ذلك عجبت لقول الفيلسوف الدكتور عبدالرحمن بدوي -رحمه الله- بالرغم من انعطافته الحسنة تجاه الإسلام في سني حياته الأخيرة، عندما سئل قبل وفاته بأيام قليلة عن وجهة نظره إزاء تأثير الصهيونية العالمية في توجيه جائزة نوبل العالمية الشهيرة، فقال «والله شخصيًا أستبعد ذلك»!! بالرغم من أنه يعلم بأن هذه الجائزة ينقصها الكثير من شيم النبل والشفافية والمصداقية.
ينبغي على حملة الأقلام وأهل التنوير من مثقفي الإسلام أن يلتصقوا بدينهم وتاريخهم وتراثهم عن حب وإعزاز، وذلك يقتضيهم التصدي لعصابات الغزو الثقافي الغربي، وبذل الجهد والوسع في بيان حقيقة تعاليم الإسلام وتميّز حضارته وأنظمته المختلفة، بالأدلة القوية والبراهين الدامغة، سعيًا لإقناع ذوي الضمائر الحية النظيفة من الأحقاد والضغائن الموروثة في ديار الغرب..