مصارع الظالمين ....................................
فى تاريخ الجبابرة والظالمين بالعديد من الأسماء التى سجلها التاريخ فى صفحاته لتكون للأمم والشعوب دروسا وعبرا لمن يتعظ أو يفهم ليعتبر.. وسجلهم المؤرخون فى سجل البغاة والطغاة تحت عنوان "لكل ظالم نهاية".. بعدما أذلوا شعوبهم وقتل على أيديهم كثيرا من أهل العلم وطلابه، وذلك لأن شعارهم كان فى الحياة "كلمة حق عن سلطان جائر".
واليوم يدخل مبارك إلى مقره بسجن طره مع الفاسدين والبلطجية، كما يدخل مبارك رسميا وبحكم قضائى سجل الطغاة الظالمين البغاة الجبابرة، وسطر له كتبة التاريخ صفحة سوداء تليق بجرائمه بحق شعبه وأمته.ولقد قالها فرعون منذ آلاف السنين "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" وعلا فى الأرض تكبر وتجبر وجعل أهلها شيعا ونسى أنه مخلوق، وادعى أنه الخالق يعطى ويمنع يحيى ويميت.. ولما جاء الإنذار الربانى والعلامات الفارقة على يد موسى عليه السلام، زاد فى طغيانه وجبروته وحارب موسى ومن معه، وكان مصيره غرقا فى اليم وقال "لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل"، وحاول فى اللحظات الأخيرة أن يقر بالحقيقة ويعترف برب موسى، ويؤكد أن الخالق واحد والمخلوق درجة منحطة كتراب الأرض لا يقدر أن يعلو فى السماء أو يتطاول على مقام خالقه أو يرهب رسله والمؤمنون، ولكن وقت الندم قد فات وسبق السف العزل، ورأى العالم مصرع فرعون وظل جسده باقيا عبرة لمن يعتبر.
أما الحجاج بن يوسف الثقفى ذلك الطاغية الجبار الذى عاش فى العراق وزيرا للدولة الأموية فى عهد الخليفة مروان بن عبد الملك وابنيه سليمان والوليد.. وكان له فضل كبير على الدولة الإسلامية الأموية وفتح من بلاد آسيا الكثير وولى على جيوش المسلمين القادة العظام حتى ظن نفسه إلها على الأرض، فصار يضرب بسيفه يمينا ويسارا وقتل من أهل العراق ما يربو على 50 ألف مسلم، وسمى بالسفاح وقتل من العلماء والفقهاء والمجتهدين فى الإسلام عددا كبيرا، منهم العالم الجليل "سعيد بن جبير"، ويوم وفاة الطاغية الحجاج وقف وبين يدى ربه يناجيه قائلا: "إنهم يقولون إن مصيرى إلى جهنم، ولكنى أرجو أن تغفو عنى وتخيب ظنهم، وصار الحجاج علامة لكل جبار ظالم حتى اليوم".
ويوم أن دخل التتار العراق أمسكوا بالخليفة المذعور "المستعصم" الذى باع أرض المسلمين لهم من أجل أن يحيا حياة الجبناء، وفى النهاية قتله جنود هولاكو، بعدما أخذوا نساءه وحازوا ماله وخزائنه من الذهب المخبأة تحت الأرض وقتلوه شر قتلة، وضاعت بسببه بلاد المسلمين، وغطت دماء أهل بغداد نهرى دجلة والفرات، وصار مثالا للتخاذل والفساد فى تاريخ العرب والمسلمين.
وفى تونس هرب الرئيس زين العابدين بن على منهيا 23 عاما من حكمه الشمولى الظالم، وطار إلى السعودية حيث يقيم فى جدة منذ ذلك الحين، وكان بن على أول الطغاة الذين أطيح بهم فى انتفاضات الربيع العربى بعد سنوات طوال أزل فيها شعبه.
وفى ليبيريا تولى الرئيس الأسبق صامويل دو السلطة فى عام 1980، وأطيح به فى حرب أهلية بدأها تشارلز تايلور، وفى عام 1990 قتل دو وقطعت أذنه فى شريط فيديو سجل لحظات إعدامه صار نموذجا للحكام الأفارقة الظالمين.كما حكم على الرئيس الليبيرى السابق تشارلز تايلور بالسجن لمدة 50 عاما أمام محكمة لجرائم الحرب قبل أيام لمساعدة متمردين فى سيراليون ارتكبوا الفظائع، ووجهت المحكمة الخاصة بسيراليون الاتهام إلى تايلور فى عام 2003 وهو نفس العام الذى أطيح به من السلطة فى تمرد. وألقى القبض عليه فى عام 2006 بعد أن غادر إلى المنفى فى نيجيريا ونقل تايلور إلى المحكمة.
وفى أوغندا، اتهم عيدى أمين، أحد أكثر الطغاة دموية فى أفريقيا، بقتل الآلاف من أبناء شعبه أثناء حكمه الذى امتد من 1971 إلى عام 1979 بعدما أطاحت به قوات تقودها تنزانيا، ومات عيدى أمين فى منفاه بالسعودية عام 2003وصار هو الآخر مضرب الأمثال فى الطغيان والظلم لشعبه.
أما زائير سابقا، هرب موبوتو سيسى سيكو الذى ظل رجل زائير القوى على مدى ثلاثة عقود فى عام 1997 عندما اقترب المتمردون من العاصمة وتوفى فى منفاه بالمغرب فى نفس العام، وفى ذلك العام أعيد تسمية بلاده جمهورية الكونجو الديمقراطية.
واليوم ها هو مصر الطاغية مبارك السجن المؤبد وسيكتب عنه تاريخ الجبابرة والطغاة ما سامه شعبه وأهله ووطنه، فهل يتعظ المقبلون على الكراسى والجالسون عليها ويعملوا ليوم لا ينفع فيه عز ولا جاه.
ويتذكروا حكام عدل قادوا أممهم إلى المقدمة وشعوبهم إلى السبق وصاروا مضرب المثل وقدوة المقتدين.